oa Pioneers of moderation and renewal: Aspects of moderation and renewal at the thought of Imam Abu Al-Hasan Nadwi

الناظر إلى واقع الأمة الإسلامية اليوم، على مختلف اتجاهاتها وتياراتها الفكرية والسلوكية؛ يرى انحرافا خطيرا عن الوسطية التي هي أخص خصائص هذه الأمة، إما إلى إفراط وإما إلى تفريط، إما إلى غلوّ وإما إلى جفاء. هذا على مستوى الأمّة عمومًا، فإذا نظرنا إلى واقع الغيّورين الذين أقضَّ مضاجعهم هذا الواقع المؤلم لأمّتهم، فطفقوا يبحثون عن سبل العلاج وطوق النَّجاة، فإننا نجد انعكاس واقع الأمة على حالهم، فمنهم المفرِط والمفرِّط، والمشَرِّق والمغرِّب، منهم من غلا وأفرط في الغلوّ، فنشأت جماعات تكفير ، وعادت سوق الخوارج رائجة، ومنهم من فرَّط وجفا، فأضاع معالم الدّين وأصول العقيدة، ففشا الإرجاء، وانطمست معالم التَّوحيد، وحقيقة العبادة. وبين هؤلاء وأولئك: فئة على منهج الوسطية تقتفي الأثر، وتصحِّح الطّريق، وتجدد الدين على منهج أهل السنة والجماعة وإن فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي -فيما نحسب ولا نزكي على الله أحدا- علم من هؤلاء العظماء الأعلام الذين استضاء بهم تاريخ أمتنا ، وجمعوا من الصفات ما بوأهم منزلة القيادة والريادة وهذا البحث وإن كان قد سبقه كثيرون كتبوا عن فضائل ومآثر هذا الإمام وفاء بحقه وتعميما لفضله وخيره، إلا أنه يركز على إبراز شيء مختلف فهو يعنى بدراسة جوانب الوسطية والتجديد في حياة الندوي، وهذا الجانب المهم لم يعتن به الآخرون، ولم يولوه حقه من البحث والدراسة. خطة الدراسة: قسَّمت هذه الدراسة إلى تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة : أما التمهيد فيتضمن الحديث عن مفهوم الوسطية والتجديد، إذ هما المَعْنيَّان بالدراسة في حياة هذا الإمام. وأما الفصل الأول فتضمن التعريف بأبي الحسن وحياته العلمية. وأما الفصل الثاني: فتحدث عن جوانب الوسطية في شخصية وعلم وفكر أبي الحسن. وأما الفصل الثالث: فيتحدث عن أبرز جوانب التجديد التي اعتبر بسببها أبو الحسن أحد المجدٍّدين في العصر الحديث. وأما الخاتمة: فقد بثثت فيها بعض مشاعري تجاه هذه الشخصية العظيمة والتي عايشتها من خلال كتبها فترة تعلمت فيها الكثير. والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به كاتبه وقارئه، وجميع المسلمين. والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.