-
oa الافتتاحية
- Source: Religions: A Scholarly Journal, Volume 2014, Issue 2, Dec 2014, 1
-
- 01 December 2014
- Previous Article
- Table of Contents
- Next Article
Abstract
كان التقاطع بين العلم التجريبيّوالمعرفة والدين واحدً من المواضيع الهامّة والحسّاسة التي أُثيرت خلال القرون الماضية ولا سيّما في الغرب. وهذه المواضيع قد تطوّرت بطريقة متنافرةتُبعدها تدريجيًّا عن بعضها.كان هذا التنافر بين المعرفة والدين قد أحدث تغييرًا عميقًا في كليهما، وخاصّةًفي الغرب، منذ الثورة العلميّة في القرن السابع عشر، حين انحصرت المعرفة بشكل كلّيّتقريبًا في المعلومات حول الطبيعة،وحيث أضحت ظلًّاللظواهر يلتقطه العقل الإنسانيّ، بينما أصبح الدين في كثير من الأحيان، وخاصّةً في القرون المتأخّرة،مجرّد اعتقاد متّصل بالعادات والمشاعر. ونتيجة ذلك،أصبح الدين اليوم نظام اعتقاد قائم على افتراضات وأسس حول معرفة الطبيعة والعالم بدلًا من كونه نشاطًا للبحث في الطبيعة ونظام الكون. الدين لم يعد علمًا بالمعنى المتعارف،أي وسيلةً لمعرفة الحقيقة المطلقة، ومن ثمّ معرفة الكون والذات.في الوقع، أصبح الدين،وبصفة متزايدة، متعلّقًا بالمشاعر الشخصيّة، وفقه المعاملات، والأوامر والنواهي، كمّا يتحوّل في بعض الأحيان، إلى مجرّد إيديولوجيا.يمكن تصوير العلاقة المعاصرة بين الدين والعلم الأشكال التالي:أوّلًا: هناك عداء يغذّيه شعور بأنّ كلًّا من جانبَي الدين والعلم قد يكون مهدَّدًا من قبل الطرف الآخر لأسباب تنافسيّة.ثانيًا: هناك تفسير متزايد من جانب الدين والعلم، متلازم من ناحية، من حيث فهم العالم،ومتكامل، من ناحية أخرى. وهذا يثري الرؤية الإنسانيّة.اعتمادًا على وجهة النظر هذه، قد يرقى العلم التجريبيّ من التحقّق من صحة الدين، أو بالعكس من رؤية مسبقة من العلم بالدين.إنّ الصراع بين الدين والعلم ليس دائمًا،ويمكن أن يحصل التقارب بينهما في بعض الأحيان. في الواقع، الدين هو الاعتقاد الجازم، بينما العلم يعبّر عن المعرفة الرقميّة التجريبيّة. ولكن،قد تختلف هذه القاعدة في بعض الأحيان، ومثال ذلك يفسّره حنين المسلمينإلى ماضيهم الذي كانت فيه المعرفيّة العلميّة تتمتّعبمكانة متميّزة.ولاستعادة هذا المجد، سلك المسلمون طريقةً تبني بقوّة نظريّة العلم الحديث،ومن ثمّ أسلمتها، مع بعض التحفّظات في مجال الأخلاقethique،وحصر القرآن في هذا الصدد في كونه مجرّد مرجع علميّ تجريبيّ.كما ظهر الغلوّ في النظريّة العلميّة التجريبيّة بين المسلمين.وفي هذا الإطار، حصل تغافل لدى البعض عن أن مصطلح العلم يشمل مفاهيم ومعانيأوسع ممّا أدركه الناس اليوم. ومن هنا فإنّ كلمة العلم، في القرآن الكريم،المذكورة في آيات مختلفة،تبقى تحدّيًا للترجمات والتطبيقات المعاصرة. ويعرّف علماء المسلمين،مثل الجرجاني في القرن الرابع عشر، العلم بأنّه ""الاستيقاظالجازم المطابق للواقع""، أي (اليقين الراسخ المطابق للواقع)، في كتابالتعريفات. وتحتوي العديد من آيات القرآن الكريمعلى معاني أخرى لكلمة العلم،قد لا يقتصر على المفهوم العصريّ للعلم.وفي هذا الصدد، يمكن القول بأنّ""العلم الإلهيّ اللدنيّ""، كما هو علم الخضر (""وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا"" [سورةالكهف: الآية 65])، هو متغاير عن العلم التجريبيّ المعاصر.في الختام،يمكن أن نؤكّد أنّ مصطلحَيالعلم والمعرفة يشتملان على مجموعة من المفاهيم الأشياء (والتصوّرات).وهذا التطوّرللمعرفة وسّع منإطار الثورة المعرفيّة الأوربيّة الحديثة.كما أنّتلك الثورة فتحت مجالات مادّيّة جديدة للبحث لم تكن معروفةً من قبل. ولكن يبقى أن هذا التقدّم العلميّ الكبير كان على حساب فقدان قيم الوجدان الإلهاميّ، وإدراك البركة الإلهيّة.باتريك لودرئيس تحرير